إن الحج إلى بيت الله الحرام هو أحد مباني الإسلام ، وهو فرض لازم محتوم على كل مسلم مستطيع في العمر مرة ، وكذلك العمرة ،
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )
(1) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ . علَى أنْ يعبَدَ اللهُ ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ . وإقامِ الصلاةِ . وإيتاءِ الزكاةِ . وحجِّ البيتِ . وصومِ رمضانَ الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم- المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 16
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(3)وفي هذا نهاية التشديد على من يترك الحج مع الاستطاعة ، فلا ينبغي للمؤمن أن يؤخر ويتكاسل ويسوف ويتعلل بالأعذار من سنة إلى سنة ، وهو مع ذلك مستطيع وقادر ،
وما يدريه لعل الموت ينزل به ، أو تذهب استطاعته ، وقد استقر الحج في ذمته لتمكنه منه ، فيلقى الله تعالى عاصياً آثماً . قال الله تعالى : (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
(4) والاستطاعه: هي أن يملك الإنسان ما يحتاج إليه في سفره إلى الحج ذهاباً وإياباً ، من زادٍ وراحلة ، وما في معنى ذلك مما لا بدّ منه ، بالإضافة إلى نفقة من تلزمه نفقتهم من الأولاد
والأزواج ونحوهم إلى وقت رجوعه ، وتختلف الاستطاعة باختلاف الناس ، وباختلاف الأماكن في القرب والبعد ومن تكلّف الحج شوقاً إلى بيت الله الحرام ، وحرصاً على إقامة هذه الفريضة من دين الله ،
وليس بمستطيعٍ من كل الوجوه فإيمانه أكمل ، وثوابه أعظم وأجزل ، ولكن بشرط أن لا يضيّع بسبب ذلك شيئاً من حقوق الله تعالى لا في سفره ولا في وطنه ،وإلا كان آثماً وفي حرج ،
مثل أن يسافر ويترك من فرض الله تعالى عليه نفقتهم ضائعين لا شيء لهم ، أو يكون في سفره متّكلاً على مسألة الناس ، مشغول القلب بالتشوّف إليهم ، أو يضيّع بسبب السفر شيئاً من الصلوات المكتوبة ،
أو يقع في شيء من المحرمات ، فمثل من يسافر إلى الحج على هذا الوجه _ وقد وسع الله له في الترك حيث لم يكن مستطيعاً _ مثل من يعمّر قصراً ويخرّب مصراً . ويدخل في ذلك موالاة الحج
في كل عام لمن أدّى فريضة الإسلام فإنه بذلك يزيد في الزحام وتعسير أداء هذا الركن على من لم يؤده ، فيقتضي ذلك الاقتصاد في تكرار الحج والاكتفاء بحجة الفريضة ثم العمرة في كل خمس سنوات مثلاً .
ويؤيد هذا الرأي كثير من أهل العلم والورع في الدين . والتنبيه على ذلك ، لأن كثيراً من العامة يسافرون على هذا الوجه ويظنون أنهم يتقربون إلى الله تعالى بحج بيته وهم في غاية البعد عنه ،
لأنهم لم يدخلوا الأمر من بابه ، وإذا كان هذا في الحج المفروض ، فاعلم أنه يكون في الحج الذي ليس بمفروض أعظم حرجاً وأكثر تشديداً .
وهذا الكلام في حق العاجز الضعيف ، وأما القوي المستطيع فقد ذكرت أنه يتأكد عليه المبادرة بحجة الإسلام ، ثم يستحبّ له بعد ذلك أن لا يترك التطوع بالحج ،
قال بعض السلف -رضي الله عنهم - : أقلّ ذلك أن لا تمر عليه خمسة أعوام إلا ويحج فيها حجّةً ، وقد بلغنا عن الله تعالى أنه قال : ( إنّ عبداً صحّحت له جسمه ،
ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام ولم يفد عليّ لمحروم )
(5) وإنما ينبغي للمسلم القادر الاستكثار من الحج لما فيه من التعظيم لحرمات الله وشعائره التي تعظيمها من تقوى القلوب ، ولما فيه من الفضل العظيم الذي وردت به الأخبار ،
يا رسولَ اللهِ، نرى الجهادَ أفضلَ العملِ، أفلا نجاهِدُ ؟ قال : لا، لكنَّ أفضلَ الجهادِ حجٌّ مبرورٌ . الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 1520
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
(6) وقال أيضاً: أمَا علِمتَ أنَّ الإِسلامَ يَهْدِمُ ما كان قَبلَهُ ، و أنَّ الهِجرَةَ تَهدِمُ ما كان قبْلَها ، و أنَّ الحَجَّ يَهدِمُ ما كان قَبلَهُ ؟الراوي: عمرو بن العاص المحدث: الالباني- المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1329
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(7) أي من الذنوب . وقال أيضاً : ( من حجّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )
( والرفث والفسوق : شيئان جامعان للأقوال والأفعال القبيحة ، وقال عليه الصلاة والسلام : العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا ، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري- المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1773
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
(9) وقال عليه الصلاة والسلام : إنَّ بِرَّ الحجِّ إطعامُ الطعامِ ، وطِيبُ الكلامِ الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الالباني- المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1094
خلاصة حكم المحدث: حسن
(10) والحج المبرور : المقبول ، وقيل : الذي لا يخالطه شيء من الإثم . وليكن المسافر إلى الحج طيّب النفس بما ينفقه من المال في سفره
(11)ومهما كان الحاج موسراً فليبالغ في توسيع النفقة على الفقراء والمساكين ، وبذل المعروف للضعفاء والمقلّين ، خصوصاً لهؤلاء ولغيرهم من المسلمين عموماً مخلصاً في ذلك لله رب العالمين .