رسم ساخر لعملية إقصاء المهاجرين الصينيين بكندا عقب قانون 1885
حلت أول موجة من المهاجرين الصينيين في كندا، خلال ستينيات القرن التاسع عشر، قادمة من الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً من ولاية كاليفورنيا، عقب موجة "حمى الذهب"، التي اجتاحت المنطقة.
فمع نهاية عمليات الهجرة المكثفة نحو كاليفورنيا، بعد اكتشاف كميات من الذهب في وديانها، لم يتردد العديد من الصينيين في مغادرة تلك الولاية الأميركية، متجهين نحو الأراضي الكندية، بحثا عن الذهب.
وقد استقر هؤلاء المهاجرون خلال فترة ستينيات القرن التاسع عشر في جبال كاريبو (Cariboo) التابعة لمقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية (British Columbia).
صورة لعدد من العمال الصينيين خلال بحثهم عن الذهب سنة 1891 بجبال كاريبو
يد عاملة رخيصة.. تمييز وأعمال شاقة
ومع بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر، لم تتردد كندا في استقطاب المهاجرين الصينيين من بلدهم الأم الصين، من أجل الحصول على يد عاملة رخيصة، للعمل على مشاريع السكك الحديدية العملاقة، التي غطت مناطق واسعة من البلاد.
وبناء على العديد من التقارير عن تلك الفترة، عانى العمّال الصينيون من التمييز أثناء فترة إنجاز مشاريع السكك الحديدية. فقد أجبر المسؤولون الكنديون العامل الصيني على العمل لساعات إضافية، وأوكلوا إليه المهام الشاقة، ومنحوه راتباً يعادل نصف ما كان يتقاضاه العامل الكندي الأبيض ذو الأصول الأوروبية.
لكن تدفق اليد العاملة الصينية الرخيصة على البلاد، تواصل مع نهاية مشاريع السكك الحديدية، لتشهد مناطق عديدة من كندا تنامياً للشعور المعادي للصينيين، حيث اشتكى الكنديون من تراجع فرص العمل بسبب إقبال أصحاب المشاريع على تشغيل المهاجرين الصينيين والذين عملوا مقابل أجور هزيلة.
صورة لعدد من العمال الصينيين بكندا سنة 1900
إجراء غريب
وفي سعي منها لكبح جموح تدفق الصينيين، اتخذت الحكومة الكندية إجراء غريباً، إذ عمدت سنة 1885 إلى فرض ضريبة على المهاجرين الصينيين، لقبت لدى كثيرين بضريبة الرأس الصينية.
ومن خلال هذا الإجراء الغريب، أجبر المهاجرون الصينيون على دفع ضريبة بلغت قيمتها 50 دولاراً، عند دخولهم كندا.
وارتفعت قيمة تلك الضريبة خلال السنوات التالية لتبلغ 100 دولار سنة 1900 و500 دولار بحلول سنة 1903.
ومثلت ضريبة الرأس الصينية عبئاً ثقيلاً على المهاجرين الصينيين، حيث أجبر هؤلاء على دفع هذا المبلغ الباهظ لدخول الأراضي الكندية، بينما لم تتخط أجورهم اليومية دولارا واحدا.
في حين تمكنت كندا، خلال فترة تطبيقها لقانون هذه الضريبة من جمع مبلغ بلغت قيمته 23 مليون دولار ، أي ما يعادل 322 مليون دولار خلال الفترة المعاصرة، من جيوب الصينيين الذين واصلوا تدفقهم نحو الأراضي الكندية.
صورة لوثيقة هجرة أحد الصينيين نحو كندا سنة 1918
رسم كاريكاتيري ساخر لعملية اقصاء المهاجرين الصينيين من كندا
أزمة خانقة و"يوم الإهانة"
خلال الحرب العالمية الأولى، أجبر العديد من الكنديين على الانضمام للجيش للمشاركة في المعارك على الساحة الأوروبية إلى جانب البريطانيين، فلم تتردد كندا في حينه، في استقطاب المزيد من الصينيين للعمل في أراضيها، سعياً منها لتعويض غياب أبنائها المتواجدين على جبهات القتال
لكن مع نهاية الحرب وعودة الجنود إلى ديارهم، عانت كندا من أزمة خانقة. فسجلت نسبة البطالة في صفوف الكنديين ارتفاعا ملحوظا، ما زاد من تنامي الشعور المعادي للصينيين مرة أخرى في البلاد.
ولتخطي الأزمة، مررت السلطات الكندية مرة أخرى سنة 1923 قانونا آخر، ظل حيز التطبيق لربع قرن، حرّمت من خلاله هجرة الصينيين نحو أراضيها.
إلى ذلك، لقّب يوم الواحد من شهر تموز/يوليو سنة 1923، الذي أصبح خلاله قانون إقصاء الصينيين فاعلاً بيوم الإهانة.
وبعد سنّ هذا القانون، تراجع عدد الصينيين المقيمين في كندا من 46500 صيني سنة 1931 إلى حدود 32500 صيني سنة 1951.
وقدم رئيس وزراء كندا السابق ستيفن هاربر (Stephen Harper) يوم الثاني والعشرين من شهر يونيو/حزيران سنة 2006 اعتذارا رسمياً للصينيين، أعرب من خلاله عن خجل بلاده لتطبيقها قانوني "ضريبة الرأس الصينية"، و"إقصاء الصينيين" العنصريين سابقا.