احتفى جمهور عريض من عشاق الفن بالملحن الكبير محمد جواد أموري، الذي كانت له إسهاماته المشهودة في تطوير الأغنية العراقية طوال خمسة عقود.
وشهد بيت المدى في شارع المتنبي جلسة تكريم لمنجزه أدارها الناقد حيدر شاكر وبشرى سميسم وبحضور الفنان المحتفى به وعائلته، وقد استعاد الفنانون والنقاد الدور المؤثر لأموري، خصوصاً في الأغنية السبعينية التي تعد العصر الذهبي للأغنية العراقية.
وقال الفنان جواد محسن في مداخلة له "إن الفنان محمد جواد أموري قد اختط لنفسه أسلوباً سيبقى فاعلاً ومؤثراً، عادّاً منجزه إرثاً موسيقياً رسم ملامح الجيل السبعيني من خلال ما أعطاه لياس خضر وحسين نعمة وسعدي الحلي وستار جبار وحميد منصور وأمل خضير وأنوار عبد الوهاب، ويمثل العلامة المضيئة الباقية من جيل الرواد بعد أن رحل أغلبهم".
الملحن العراقي محمد جواد أموري
مثلما استعرض الناقد حيدر شاكر، معاون مدير معهد الدراسات الموسيقية، خصوصية ألحان أموري المشبعة بالروح العراقية المليئة بالشجن والعاطفة، مما دفع الكثير من المطربين إلى التدافع على بابه حتى عدّه الموسيقيون ومحررو الصحافة الفنية بأنه مكتشف النجوم.
وقد قدم الفنانون حسن بريسم وكريم حسين ومكصد الحلي وكريم رسام وجواد محسن عدداً من الأغاني التي اشتهر بها الملحن الكبير، وما زالت تحتل حيزاً كبيراً من الذائقة العراقية.
طفل يصنع آلة قانون
يذكر أن الملحن محمد جواد أموري، المولود في كربلاء- قضاء الهندية عام 1935، يجيد العزف على عدة آلات موسيقية، وكان حلمه أن ينضم إلى الفرقة السيمفونية العراقية، وقد حقق حلمه بعد ثمانية أعوام من الدراسة على آلة الكمان ليحتلّ الصدارة في الفرقة عازفاً أول طوال 16 عاماً.
وكانت بداياته في التعليم، فهو خريج دار المعلمين في الأعظمية، وتعلم على يد مدرس الموسيقى أصول الموسيقى ونظرياتها على الطريقة التركية.
يقول أموري "كنت أبحث منذ الصغر عن الآلة الموسيقية التي أترجم فيها أحاسيسي، كان الناي حينها يصنع من الطين، لكنه لا يؤدي عزفاً صحيحاً، وكان والدي نجاراً، وعندما ذهب إلى بغداد رأيت الآلات الموسيقية، فأخذت لوحة ومسامير وأسلاكاً وصنعت بنفسي آلة قانون، ثم اشتريت ناياً من القصب، وكنت أصعد على الكرسي لأعزف عليه في المدرسة".
ملحن يغني بدموعه
لم يقتصر عطاء محمد جواد أموري على العزف أو التلحين فقط، مثلما لم تقتصر ألحانه على المطربين العراقيين وحدهم، فقد غنى له المطرب الكويتي الكبير عوض دوخي والفنانة المصرية إلهام بديع، وانتشرت ألحانه في طول الوطن العربي وعرضه باعتبارها من الموروث، ولذلك كان يحرص بين آونة وأخرى على تسجيل ألحانه بصوته في ألبومات خاصة على العود.
يذكر أن الفنان قد تعرض لحادثة دهس تسببت له بعدة كسور، خصوصاً في ذراعه التي تصلبت بسبب غياب العلاج الناجع والرعاية الصحية الصحيحة مثلما أصيب مؤخراً بعدة جلطات في الدماغ جعلت الكلام يتعثر على شفتيه، حتى إنه حين طلب منه أن يغني أغنيته الشهيرة "يا حريمه" أسعفته الدموع أكثر من الكلمات، وكان الموقف مؤثراً حين غناها الجمهور نيابة عنه.
في ختام الاحتفائية حمّل الحاضرين "العربية.نت" رسالة إلى المسؤولين على الثقافة بضرورة اهتمام الدولة بهذا العلم الموسيقي وإرساله للعلاج في الخارج وعدم مقابلة نصف قرن من الإبداع بالتهميش والإهمال.