يشارك الموسيقي اللبناني مرسيل خليفة في مشروع "عائلة فنية"، أطلقه ولداه رامي وبشار، ويوشك أن يصدر أول أعماله.. وهو مشروع يتجاوز فيه الأب شهرته الكبيرة وعقوده الثلاثة في الإنتاج الموسيقي ورؤيته الخاصة، ليتبع رؤية ولديه بانفتاح "مفاجئ".
وبدأ الموسيقيون الثلاثة تقديم مشروعهم الجديد ضمن جولة عالمية مستمرة حطت في مدن بلجيكية عدة آخرها انتويرب أمس الأول الجمعة.
ويقول بشار خليفة عازف الإيقاع إن مرونة والده في العمل "مفاجأة".
ويضيف لوكالة "فرانس برس"، وهو ينظر إلى شقيقه مبتسماً: "أنا ورامي نشعر أن مارسيل رغم كل ما مر عليه استطاع الرجوع وكأنه يمحي كل ما فعله.. لقد تفاجأنا، فهو دخل في شيء جديد تماماً بكل قوة وحب من دون أن يتأثر بضغط الجمهور".
ويمثل مشروع "العائلة" نقلة فريدة في تجربة مارسيل خليفة، فهو يغادر موقع القيادة بعدما كان محور كل الأعمال التي قدمها ونالت شهرة واسعة خارج حدود بلده الصغير لبنان، ابتداء من أغاني فرقة الميادين (1976)، مرورا بتجربته في التأليف لآلته العود ولأعماله مع الأوركسترا.
تأثير الولدين على الأب
ولا يخفي رامي، عازف البيانو، تأثير الناحية الشخصية في قبول والده الانخراط في المشروع، ويقول لـ"فرانس برس": "التجربة الجديدة جاءت أكثر بمبادرة من ناحيتنا".
ويضيف ضاحكاً: "لا أعتقد أنه كان سيقبل عمل ذلك مع أي أشخاص، لكن نحن أولاده وهناك الكثير من الأخذ والعطاء والاحترام الكبير بيننا".
وهي المرة الأولى التي يجتمع الثلاثة في مشروع مشترك بينهم جميعاً، إذ سبق أن شارك الابنان أحيانا ضمن فرقة والدهما في تأدية أعماله وتوزيعاته.
وفي العروض الجديدة، يبدو مرسيل واحداً من ثلاثة لا أكثر، وفي مرات عديدة كانت الإضاءة تختفي عنه لتبقى مسلطة على أداء ولديه، خلافاً لما تعود عليه المشاهدون مع هذا الموسيقي الستيني النجم في التأليف والعزف والغناء على المسرح.
لكن هذا الوضع يبدو أنه لا يثير حفيظة مارسيل، فهو يقول لـ"فرانس برس": "لقد وضعنا كل أفكارنا مجتمعة مع بعضها، لذلك لا يمكن أن نفصل هذا الجزء لمن وذاك لمن".
ويضيف: "صحيح أننا أب مع ولديه، لكن الموسيقى هي التي وحدتنا في هذا المشروع".
انزعاج جزء من الجمهور
وكما يحصل دائماً، أينما يحضر مارسيل في الغرب يجد أمامه أجيالاً من المهاجرين العرب تردد معه أغنياته الشهيرة، لذلك يحتج بعضهم على التعديلات الطارئة على الأغاني القديمة، من الكبار والصغار.
وعبرت شابة عن هذا الاعتراض قائلة: "لقد جئت لسماع مارسيل الذي أعرفه".
لكن الابن رامي يهز برأسيه كمن اعتاد سماع هذا التذمر، ويرد بأن "مارسيل إنسان حر ولا يحب البقاء في مكان واحد".
ويقول مرسيل بنبرة واثقة: "لا أحب أن تبقى الأشياء كما هي، ودائما كنت أقوم بنسف ما عملته وأعود لصياغته بطريقة مختلفة".
ومما سمعه الجمهور مقطوعات جديدة ألفها رامي وبشار، كما قاما بإعادة تشكيل لبعض أغاني والدهما الشهيرة مثل "جواز السفر"، معتبرين أن إعادة التعامل مع تلك الأغاني يجعلها "تراثا مشتركا لنا نحن الثلاثة"، كما يقول رامي.
اسطوانة جديدة في آخر العام
في الصياغة الجديدة يحضر العود وارتجالات الإيقاعات الحديثة والبيانو، لكن الأبرز هو حضور كبير للموسيقى الإلكترونية التي تولى مزجها بشار ورامي.
يتحدث مارسيل بهدوء ورضى عن مزاحمة الإيقاعات الحديثة غناءه وعزفه، ويقول: "هذا العمل أمامه أفق واسع للتقدم، وهو بحث جديد فيه نبض العصر الذي من المهم الاقتراب منه".
ويضيف أن عملهم يجمع "الضجة والمنطق وموسيقى الحياة".
هذا المزيج صار ضمن اسطوانة تضم 12 أغنية ومعزوفة، سجلها الثلاثة قبل شهر لتكون باكورة إطلاق عمل "العائلة الفنية"، على أن تصدر في الأسواق أواخر هذه السنة.
يضحك مارسيل من المفارقة لكون هذا المشروع الفني أعاد لم شملهم كعائلة، ويقول "ظروف الحياة والانشغالات كانت تجعل كل واحد منا في طائرة، لكن هذا المشروع جعلنا نعيش معا".