لتصبح إداريًا ناجحًا.. كيف تدير عملك الإداري بالأفكار؟
إن العمل الإداري من أهم الأعمال، بل يعد عصب الحياة في المؤسسات والشركات، ونجاح أي مشروع أو مؤسسة أو شركة يتوقف بالدرجة الأولى على كفاءة وجودة إدارته، وهذه الكفاءة لا تأتي بالتمني والادعاء بل بالمزيد من العلم والخبرة والاطلاع والتدريب ومجاراة كل جديد في علـم الإدارة. وخاصة الإدارة الحديثة وما تحتويه من تجديد في المفاهيم والنظريات والمبادئ، قدمت العديد من الفوائد الجليلة للقطاعات الإدارية بمختلف أنواعها وأشكالها، وكان من أهم ما قدمت ما يسمى: الإدارة بالأفكار.
وقد ظهرت الإدارة بالأفكار كغيرها من العلوم الحديثة في الدول الغربية، وذلك في سبعينيات القرن الماضي، وأتى هذا الظهور بعد ظهور علم الإدارة بالأهداف بعقدين من الزمان، والذي انتشر على مستوى العالم في فترة زمنية وجيزة. وتتلخص فكرة الإدارة بالأهداف في أنها: أسلوب إداري يقوم على مشاركة الرؤساء والمرؤوسين في المؤسسة أو الشركة أو المنظمة بتحديد الأهداف الوظيفية لكل موظف في الشركة، ثم تتم المقارنة بين أدائه الفعلي لوظيفته والأهداف المحددة مسبقًا، وفي حالة وجود انحراف أو تقصير يتم توجيه الموظف نحو الأهداف المحددة والمخطط لها من قبل.
وقد توصل علماء الإدارة إلى أن الفكرة تسبق تحديد الهدف، وهذا أمر طبيعي، فالموظف تأتي له الأفكار قبل أن يحدد أهدافه الوظيفية، وكلما كانت هذه الأفكار ذات قيمة كانت الأهداف قيمة، ومن هنا ظهر الأسلوب الإداري الجديد وهو: الإدارة بالأفكار، والذي يقوم على تجميع والاحتفاظ بالأفكار التي ترد على ذهن الموظف - خاصة الإداري - ثم دراستها، ووضع المفيد منها موضع التنفيذ، مما يعود بالنفع العام على الشركة أو المنظمة، وبالنفع الخاص على صاحب هذه الأفكار، التي قد تتحول إلى ابتكار أو إبداع أساليب تميز الشركة عن غيرها.
مزايا وفوائد الإدارة بالأفكار
هناك عدد من مزايا وفوائد الإدارة بالأفكار من ذلك:
1- الأفكار الجديدة ترفع من الروح المعنوية لدى الإداريين وغيرهم، فصاحب الفكرة الجديدة التي تلقى قبولًا وتقديرًا من رؤسائه في العمل، يشعر بمدى أهميته وقيمته داخل مؤسسته أو شركته التي يعمل بها، مما يؤدي إلى زيادة اهتمامه بتدوين والاحتفاظ بالأفكار الجديدة والمفيدة التي ترد على ذهنه، ومن ناحية أخرى يزيد التقدير المعنوي والمادي من رؤسائه من ولائه وانتمائه لمؤسسته.
2- الأفكار الجديدة الجيدة تساعد دون شك على إحداث تغيرات في آلية العمل، وبالتالي رفع معدلات الأداء للإداريين - وللموظفين بشكل عام - والذي ينعكس مباشرة على رفع معدلات الإنجاز للأعمال والأهداف داخل الشركة.
3- الأفكار الجديدة تقضي على الروتين الممل في العمل، مما يجعل الإداريين وغيرهم داخل المؤسسة، مستمتعين بعملهم الذي يحمل تجديدًا - ولو كان محدودًا - بشكل متواصل.
4- خلق روح جديدة مع المحيطين بك في العمل، فالعقل الحريص على الاستفادة من الأفكار الجديدة يعي تمامًا أن هذه الأفكار ليست قاصرة على الحياة العملية فقط، بل قد تأتي أفكار جديدة ومفيدة في محيط التعامل الإنساني والاجتماعي مع زملاء العمل مما يخلق بينهم روح الألفة والمودة، وبالتالي التعاون البناء على نجاح ما بينهم من مهام عملية داخل شركتهم.
5- الأفكار الجديدة المفيدة تختصر الكثير من الجهد والوقت في إنجاز الأعمال، مما يوفر الكثير من الأموال التي قد تعود في صورة حوافز مالية على العاملين داخل الشركة.
عود عقلك واستعن بالأدوات المساعدة لتحافظ على الأفكار الجديدة
هناك عدد من العوامل المساعدة على توليد والاحتفاظ بالأفكار الجديدة:
1- عود عقلك (عودي عقلك) الترتيب: فالعقل المرتب، يساعد صاحبه على الاستفادة من كل ما يحتفظ به، فترتيب المعلومات في العقل، يساعد صاحبه على الاستفادة من فكرة عابرة تتعلق بهذه المعلومات، فالعقل المرتب يستطيع أن يتعامل مع الفكرة العابرة بصورة أفضل بل بصورة لا تقارن مع تعامل العقل الفوضوي مع الفكرة ذاتها.
2- استعن (استعيني) بأدوات مساعدة: من المفيد أن تدون كل الأفكار الخاصة بعملك والتي ترد بذهنك على مفكرة جهاز الكمبيوتر المتوافر على مكتبك، وإن لم يكن متوافرًا فهناك نوتة الجيب، وافحص هذه الأفكار واستبعد غير المهم منها، واحتفظ بالمهم، واعمل على ربط الفكرة المدونة بمعلومات تتعلق بها، كأن تدونها في صفحة مستقلة من نوتة الجيب وتدون معها ما يتعلق بها من معلومات وبيانات قد تفيدك في الاستفادة القصوى من هذه الفكرة.
3- الحرص على ترسيخ مهارة التفكير: فالتفكير يعد من أهم سمات الإنسان. والإنسان بصفة عامة، والإداري بصفة خاصة مطلوب منه اكتساب مهارة التفكير، وتعويد عقله الباطن عليها، فالتفكير هو منبت الأفكار، فالإداري الناجح والمتميز هو صاحب مهارة التفكير والأفكار المتميزة. ولكي يستفيد الإداري من كامل طاقاته الذهنية في مهارة التفكير عليه أن يتخير الأوقات المناسبة في يومه، ولعل أفضل هذه الأوقات هي الساعات الأولى من النهار، فتخصيص هذه الساعات في التفكير يأتي بأفكار غالبها جيد ومفيد.
4- استعن (استعيني) بالمكان والزمان المناسبين: فالمكتب المرتب والنظيف، والجو الهادئ من أهم العوامل المساعدة على التركيز والتفكير بعمق في الفكرة الواردة على الذهن، أو السابق تدوينها.
5- لا تدع (لا تدعي) للمقاطعات والأعمال الطارئة سبيلًا عليك، : فالإداري الناجح هو الذي يتحكم في وقته، ويعرف كيف يدير هذا الوقت، ويعرف أن وقته هو رأسماله في الحياة بصفة عامة، ورأسماله في عمله بصفة خاصة، فيجب عليه استثماره والاستفادة منه بأفضل الطرق والوسائل، ويعلم الإداري الناجح أن الأعمال الملقاة على عاتفه كثيرة ومتنوعة، فإن انشغل مع المقاطعات أو الأعمال الطارئة غير المهمة، فقد الكثير من وقته وتراكمت عليه الأعمال، وقد يتعرض عند التأخر في إنجازها إلى جزاءات أو عقوبات هو في غنى عنها. والمقاطعات تخرج الإداري - وغيره - عن التركيز في عمله، والتركيز من أحد أهم العوامل المساعدة على توارد الأفكار الجديدة على الذهن.
6- صفاء النفس والذهن: من المعلوم أن صفاء النفس يؤدي إلى صفاء الذهن، وصفاء النفس لا يتأتى لعاص، وإنما يتأتى إلى القريب من الله عز وجل، المتوكل عليه حق التوكل، الحريص كل الحرص على الائتمار بالمعروف، والانتهاء عن المنكر، والأفكار المفيدة والصالحة للتنفيذ لابد لها من أرض خصبة، لا تتوافر هذه الأرض إلا في نفس صافية مطمئنة، صادقة، في السر والعلن، ومخلصة في أقوالها وأفعالها، ساعية إلى عمل الخير ونشره بين الناس