أن التحديات التي تواجه الأمم والدول في تنام مطرد . ومع تنامي هذه التحديات تزداد الحاجة إلى المفكرين والمبدعين التماسا لحل مشاكل التكيف مع المستجدات التي تقابل المجتمعات والدول.. إذ ينتظر من المبدعين تقديم حلول إبداعية للمشكلات المتجددة في عصر سريع التغير يفرض على المجتمعات حتمية التكيف المتناسب مع الانفجار المعرفي , والمجتمع الذي لا يتكيف بمرونة كافية( تناسب هذا العصر) يحكم على نفسه بالجمود.
حيث تؤكد دراسة كل من جيلفورد Guilford (1965) ؛ تورانس Torrance (1977) ؛ أنه لا يوجد شيء يمكن أن يسهم في رفع مستوى رفاهية وتطور الإنسانية وتقدمها أكثر من رفع مستوى الأداء الإبداعي لدى الأمم والشعوب .
ولهذا فالعنصر البشري يعد من أهم العناصر اللازمة للإنتاج الإبداعى ، وتتأثر قدراته ومهاراته تأثرًا مباشرًا بما يتلقاه في مرحلة طفولته ، حيث إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً ، وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ، ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ؛ لأن خبرات سنوات العمر الأولى لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل الأولى في حياة الطفل . وأن فرص تحقيق التنمية البشرية يعتمد اعتمادًا كبيرًا على ما يوفره المجتمع من اهتمام ورعاية للطفل مما يؤكد أن نجاح الدول ثقافياً ، وعلمياً ، واقتصادياً يتأثر بمدى فاعلية برامج التربية والتعليم ، والتي تشمل مرحلة الطفولة المبكرة .(جينيس، إيريك،2001) لذا يمكن القول أن الصراع بين الدول المتقدمة هو صراع بين عقول أبنائها من أجل الوصول إلى سبق علمي وتكنولوجي يضمن لها الريادة والقيادة .
ومن ثم فإن الهدف الأعلى من التربية في القرن الحادي والعشرين هو تنمية التفكيرالإبداعى بجميع أشكاله لدى كل فرد ، ومن هنا يتعاظم دور المؤسسة التربوية في إعداد أفراد قادرين على حل المشكلات غير المتوقعة ، ولديهم القدرة على التفكير في بدائل متعددة ضخمة يجب تحمله .
والتفكير الإبداعي Creative Thinking هو أحد أنواع التفكير المهمة ، والتي لخص أهميتها "برنادت دوفي " B. Duffy 1998: 4-6) ) في عدة نقاط ، أهمها أن : التفكير الإبداعي يمنح الفرد الفرصة لـ :
ـ تنمية قدراته إلى أقصى حد ممكن .
- إثبات قدرته على التفكير والتواصل .
- التعبير عن كل ما يجول في خاطره .
- اكتشاف قيمة الأشياء .
- تنمية مهارات متعددة .
- فهم ذاته وفهم الآخرين واستيعاب ثقتهم .
- مواجهة التحديات وتلبية الاحتياجات للتغيرات السريعة في العالم .
وقد تعددت التعريفات التي تناولت التفكير الإبداعي Creative Thinking فيرى محمود منسي (1991: 235) أنه ” قدرة الفرد على التفكير الحر الذي يمكنه من اكتشاف المشكلات والمواقف الغامضة ومن إعادة صياغة عناصر الخبرة في أنماط جديدة عن طريق تقديم أكبر عدد ممكن من البدائل لإعادة صياغة هذه الخبرة بأساليب متنوعة وملائمة للموقف الذي يواجهه الفرد بحيث تتميز هذه الأنماط الجديدة الناتجة بالحداثة بالنسبة للفرد نفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه ، وهذه القدرة يمكن التدريب عليها وتنميتها “ .
ويعرف كل من فؤاد أبو حطب ، وآمال صادق (1994: 627-628) التفكير الإبداعي على أنه ” فئة من سلوك حل المشكلة ولا يختلف عن غيره من أنماط التفكير إلا في نوع التأهب أو الإعداد الذي يتلقاه الفرد “ .
ويمكن تصنيف هذه التعريفات إلى المجموعات التالية : (عبد الرحمن نور الدين ، عبد الرحيم فخرو , 2000)
أ- الإبداع باعتباره عملية سيكولوجية : تمر بخطوات و مراحل محددة وإن اختلفت عدد هذه المراحل . لقد ركز بعض المختصين على مراحل إبداعية عدة و من أشهرها أن مراحل التفكير الابتكاري تمر في مرحلة الإعداد حيث يقوم المبدع بجمع المعلومات التي يحتاجها لحل تلك المشكلة . ثم تأتي مرحلة الكُمُون حيث يشرع المبدع في التفكير في هذه المشكلة و تحليل المعلومات التي لديه بشكل مستمر ولا شعوري ، حتى تأتي مرحلة الإشراق وهي الخلاصة و الحل التي يصل إليها فجأة و في أي موقف كان كحل لتلك المشكلة ، بعدها تبدأ مرحلة التحقق من ذلك الحل وفق المعايير الموضوعة .
ب- الإبداع باعتباره قدرة عقلية : إذ يرى عدد من المختصين أن التفكير الابتكاري عبارة عن مجموعة من القدرات العقلية التي يمكن التعرف عليها و قياسها بواسطة اختبارات معدة لذلك ، و يمتاز العلماء في قياس التفكير الابداعي على أربع قدرات هي : الطلاقة ؛ وهي قدرة المرء على الإتيان بأكبر عدد ممكن من الفِكَر مهما كان نوعها . المرونة ؛ وهي قدرة المرء على الانتقال من فكرة إلى أخرى مهما كانت مستوياتها. الأصالة ؛ هي قدرة المرء على الإتيان بفكرة جديدة لم تخطر على فكر أحد في مجموعته . التفصيلات ؛ هي قدرة المرء على الإضافة على الفكرة الأصيلة لجعلها أكثر رونقا و جمالا وملاءمة لمواجهة مشكلته و إقناع من حوله .
ج- الإبداع باعتباره نتاجا إبتكاريا له صفات مميزة : فقد اعتبر بعض الباحثين النتاج الابتكاري المحك في قدرة الفرد على الإبداع ، وهذا النتاج يكون ملموسا ويمكن قياسه و إخضاعه للدراسة و التقييم . ومن أهم خصائص العمل المبتكر انه يتسم بالجدة ، بالأصالة وبالواقعية و إثارة الدهشة .
د- تعريف الإبداع في ضوء الشخصية : حيث تم تحديد العديد من الصفات للشخصية المبدعة كخفة الظل ، و روح الدعابة ، و الشعور بالحرية، و مقاومة الضغوط ، و الانفتاح للخبرة ، و رفض التقليد ، والمثابرة و التنافس ، و تأكيد الذات .
هـ- تعريف الإبداع في ضوء المناخ البيئي المشجع على الابتكار : حيث حدد بعض الباحثين هذه البيئة التي يتوافر بها العوامل الميسرة للتفكير الابتكاري .
تعتبر القدرة الإبداعية إحدى الأبعاد الأساسية المكونة للموهبة والتفوق ، ويتوفر لدى الأفراد المبدعين قدرات إبداعية متعددة تمكنهم من الإنتاج الإبداعي ، وقد كشفت العديد من الدراسات والأبحاث عن أهم القدرات الإبداعية التي تحدد الإمكانية الإبداعية لدى الأفراد ، وهي الطلاقة ، المرونة ، الأصالة ، الحساسية للمشكلات ، التخيل . (خليل معوض ، 1995: 51-54)
كما يتميز الفرد الذي يفكر إبداعياً بأنه : (Duffy, B.1998: 4-6)
? يتعامل مع الأشياء غير المتوقعة .
? يطبق المعرفة التي يعرفها في الموقف الجديد .
? يكتشف العلاقات التي تربط بين الأشياء والمعلومات المختلفة .
? يستخدم المعرفة بطريقة جديدة .
? يتفاعل مع المتغيرات السريعة .
? يستطيع الاستفادة من الأفكار والأدوات المختلفة .
? يتميز بالمرونة في التفكير .
ومن هنا نجد أن تنمية التفكير الإبداعي يسهم في تحقيق الذات ، وتطوير المواهب الفردية ، وتحسين النمو ، ويسهم كذلك في زيادة إنتاجية المجتمع برمته ثقافياً ، وعلمياً ، واقتصادياً .
وانطلاقاً من أن تنمية التفكير الإبداعي هو أحد أهم الأهداف التربوية التي تسعى المجتمعات الإنسانية إلى تحقيقها ، وأن مرحلة الطفولة من المراحل الخصبة لدراسة الإبداع واكتشاف المبدعين ، وأن الإبداع إذا لم يشجع في مرحلة الطفولة فإن تشجيعه بعد ذلك يكون ضعيف الجدوى . كان إصدار وثيقة العقد الثاني لحماية الطفل (2000-2010) "المجلس القومي للطفولة والأمومة" كإشارة البدء لأن تحتل قضايا الطفولة مكانها اللائق من الاهتمام باعتبارها المركز والجوهر لكل خطط المستقبل ولكل آفاق التقدم ، ولابد من إعداد الأطفال الذين هم رجال الغد وأمل المستقبل من خلال تنشئتهم على ثقافة قوامها الإبداع وجعل التفكير الإبداعي هو منهج التعامل مع الحياة والتمكين من إطلاق الملكات الإبداعية عند الطفل .
وتأسيساً على ما سبق فإن البحث الحالي يسعى إلى التعرف على طرق اكتشاف وتنمية الطفل المبدع .
مشكلة البحث :
نظراًَ لإننا في مواجهة مستقبل متزايد التعقيد يحتاج إلى كثير من المهارات في اتخاذ الاختيارات والحل الإبداعى للمشكلات والقيام بالمبادرات المختلفة ، وإن ثمة حقيقة مقررة وهي أن التفكير الإبداعي يتأسس منذ الطفولة المبكرة ، حيث أن كل طفل مشروع مبدع ويجب أن ينظر إليه كذلك . لذلك يمكن صياغة مشكلة البحث في التساؤل التالى:
ما الأسس والمبادئ الازمة لأكتشاف وتنمية الإبداع لدى طفل الروضة ؟
أهمية البحث :
تتحدد أهمية البحث الحالي من خلال الجوانب الآتية :
Û تحويل الاهتمام في مرحلة رياض الأطفال من التعليم التلقيني الذي يعتمد على حشو المعلومات إلى التعليم الإبداعي الذي يعتمد على التفكير وطرق مواجهة المشكلات وتقديم الحلول الإبداعية لها ، وذلك لما لقدرات التفكير الإبداعي من دور هام في تطوير المجتمع الحديث وازدهاره ، وما يمكن أن يتولد عن هذه القدرات من أفكار أصيلة وحلول جديدة للمشكلات اليومية للأفراد والمجتمع .
Û انتقل الاهتمام من دراسة الشخص الذكي إلى الشخص المبدع والعوامل التي تسهم في إبداعيته ، وأصبحت تربية العقول المفكرة وتنمية التفكير الإبداعي غاية مستهدفة على مستوى المجتمع والتربية بمؤسساتها المختلفة وهدف مهم على مستوى مراحل التعليم المختلفة داخل هذه المؤسسات.
Û تحول الاهتمام إلى التعليم الإبداعي الذي يعتمد على تعلم التفكير وطرق مواجهة المشكلات وتقديم الحلول الإبداعية لها ، اعتماداً على إن اكتساب المعرفة العلمية وحدها دون اكتساب المهارة في التفكير الإبداعي يعد أمراً ناقصاً ، فالمعرفة لا تغني عن التفكير ولا يمكن الاستفادة منها دون تفكير إبداعي يدعمها.
خطوات البحث ومنهجه :
منهج البحث :
تم استخدام المنهج الوصفي في مراجعة وتحليل الأدبيات المتعلقة بالبحث ووضع الإطار المبدئي لأستراتيجيات اكتشاف وتنمية الإبداع لدى طفل الروضة .
للإجابة عن السؤال البحثي الخاص بلأسس والمبادئ الازمة لأكتشاف وتنمية الإبداع لدى طفل الروضة .
قامت الباحثتين بالإجراءات والخطوات الأتية :
أولاً : مراجعة الأدبيات والبحوث والدراسات المتصلة بالتفكير الإبداعي ، وطفل الروضة من أجل تحديد تلك الأسس والمبادى وتتضمن :
¿ الإبداع وطفل الروضة .
¿ اكتشاف الإبداع لدى طفل الروضة.
ثانياًَ : تحديد بعض الأستراتيجيات الأساسية الازمة لتنمية الإبداع لدى طفل الروضة .
مصطلحات البحث :
التعريف اللغوي للإبداع يعني أن : الإِبْدَاع يأتي من بدع الشيء وابْتَدَع أتى ببِدْعة ؛ أي أوجده من لا شيء أو من العدم أو أنشأه من غير مثال سابق . والإبْدَاع (عند الفلاسفة) : إيجاد الشيء من عدم . (المعجم الوجيز ، 2000: 40)
ويعرف البحث الإبداع لدى الطفل فى السنوات الأولى من عمرة إجرائيا ” بأنه قدرة الطفل على التعبير الحر الذي يمكنه من اكتشاف المشكلات والمواقف الغامضة ومن إعادة صياغة الخبرة في أنماط جديدة عن طريق تقديم أكبر عدد ممكن من الاستجابات والأنشطة غير المألوفة ، والتي تتميز بالمرونة والحداثة بالنسبة للطفل نفسه ، ويعبر عنها بأي شكل من الأشكال والأساليب المختلفة للتعبير القصصي ، التعبير الفني ، التعبير الحركي ، التعبير الموسيقي “ .
أولاًَ : الأطار النظرى للبحث
1- الإبداع وطفل الروضة
لقد نفى "هوارد جاردنر" H. Gardner (1993 “C” : 17-25) فكرة المبدع الشامل ، وأكد على أن الإبداع في مجال ما لا يتطلب بالضرورة التفوق في المجالات الأخرى . فقد توصل "جاردنر" إلى أن الفرد يمكن أن يبدع في ذكاء واحد من أنواع الذكاء المتعدد ، ويكون أداءه ضعيفاً في مجالات الذكاء الأخرى ، طبقاً لنظريته المسماة "تعدد الذكاءات" Multiple Intelligences ، حيث يرى أن الإنسان يتمتع بعدد من القدرات ، قد تتداخل لخدمة بعضها البعض ، ولكنها قد تعمل بمفردها بمعزل عن القدرات الأخرى ، وسمى هذه القدرات بالذكاء ، واقترح ثمانية أنواع í ، كل نوع قد يكون النواة لقدرات إبداعية للفرد ، وهي :
Ô الذكاء اللغوي Linguistic Intelligences .
Ô الذكاء المنطقي الرياضي Logical Mathematical Intelligences .
Ô الذكاء الفراغي Spatial Intelligences .
Ô الذكاء الجسدي الحركي Bodily Kinesthetic Intelligences .
Ô الذكاء الموسيقي Musical Intelligences .
Ô الذكاء بين الأفراد Interpersonal Intelligences .
Ô الذكاء الذاتي Intrapersonal Intelligences .
Ô الذكاء الطبيعي Naturalist Intelligences .
وتشير " كاثي شيكلي" K. Checkley (1997: 6) عن حوار مع "جاردنر" أن الذي يجعل الحياة مثيرة للاهتمام هو أننا لا نملك نفس المقدرة الإبداعية في كل مناطق الذكاء ، ولا نملك نفس الكمية منه ، وكما نختلف عن بعضنا البعض ونحظى بأنواع مختلفة من الشخصيات فإن لنا أيضاً أنواع مختلفة من العقول، وهذا الفرض له أثر تعليمي هام ، فإذا عاملنا كل الأطفال كأنهم واحد ، فإننا بهذا نغذي نوع واحد من الذكاء ، وهو الذكاء اللغوي المنطقي ، وهو ذو نتائج عظيمة إن كان الطفل يتمتع بهذا الذكاء فإنه يبدع فيه ، ولكنه فاشل بالنسبة للغالبية العظمى التي لا تتمتع بهذا النوع من الذكاء .
فبدايات التفكير الإبداعي ومقوماته لدى الطفل تتمثل في تلك الخصائص التي تميز هذه المرحلة، مثل اهتمامه بتبادل الأشياء والتعامل معها والتعرف عليها ، واهتمامه بالاستكشاف والاستطلاع ، واهتمامه بالتجريب والتعرف على مكونات أو عناصر الشيء ، بجانب القدرة التخيلية التي يتميز بها الطفل ، والتي تظهر في مواقف وأنشطة لعبه الإيهامي ، وكثرة الأسئلة التي يحاول أن يحصل منها على إشباع لجوعه العقلي وحاجاته إلى البحث والاستقصاء .
وفي هذا الصدد توضح دراسة عبلة عثمان (2000) أهمية التفكير الإبداعي لدى الطفل وكيفية تنميته من خلال ألعابه الحرة ، والإيهامية ، ومن خلال الأنشطة الفنية المختلفة التي تساعد على تأصيل مجموعة العادات الفكرية الإبداعية المهمة ، فهذه الأنشطة ذات نسق مفتوح وتساعد على المرونة الذهنية للطفل ، وتنمية قدراته الإبداعية ، كما تعمل على إبراز تفرده ، وتميزه عن الآخرين .
كما يشير "بول تورانس" P. Torrance ، و"كاتي جوف" K. Goof(1990:3) إلى أنه من الطبيعي أن يتعلم الأطفال التفكير الإبداعي من خلال الرقص والغناء ورواية القصص واللعب والتمثيل الخيالي .
حيث إن الموسيقى تساعد على اكتشاف الطفل للأصوات وتجريبه لها والتعبير الشخصي عنها ، فتضع اللبنة الأولى للإبداع عنده ، وذلك بمثابة نقطة انطلاقة نحو تنمية القدرات الإبداعية لدى الطفل (تفيدة الملاح ، 1997: 400) فتعتبر الموسيقى وسيلة للتعبير المبدع للطفل . كما أن الطفل يجد متعة كبيرة أيضاً في الحركة تدفعه إلى ممارسة الرياضة والرقص ومن خلال استمتاعه بالحركة يكتشف بأكثر من طريقة العالم المحيط به ، ويتلذذ باكتشافه طرق جديدة للحركة غير المألوفة كالجري والقفز والوثب ، وكل هذه الحركات تقوي البناء العضلي للطفل وتساعده على التحكم في جسمه ، ولأن الحركة هي المكون الأساسي للتعبير فهي تعتبر الخطوة الأولى نحو الدراما الإبداعية . (فاتن عبد اللطيف ، 1999: 102)
ومن الدراسات التي أجرها كل من (رضا مصطفى : 1996 ؛ تفيدة الملاح : 1997؛ هدى بشير: 1997 ؛ منى كمال الدين : 2000) تبين أن التفكير الإبداعي يمكن أن يعلم بالتدريب .
ولقد تعددت الدراسات والبحوث التي تؤكد ذلك منها دراسة " كارولين إدواردز " C. Edwards و "كاي سبرنجت" K. Springate (1995) التي اهتمت بتشجيع التفكير الإبداعي في فصول رياض الأطفال ، كما تناولت دراسة مصري حنورة (2000) أهمية التفكير الإبداعي للطفل ، وكذلك هدفت دراسة زين العابدين درويش (2000) إلى توجيه الانتباه إلى الموقف الذي يتخذه الأفراد نحو ما يعتبر خصالاً سلوكية مميزة للطفل المبدع ، وقد استخلص الباحث أن الطفل نظام مفتوح بقدر قابليته للنمو بقدر قابليته للضمور، ومن حق الطفل أن يحصل على أفضل الفرص لينمو ويبدع.
وتأسيساً لما سبق يتضح أن طفل مرحلة الروضة يمتلك من الإمكانات والطاقات الإبداعية ما يدفعنا إلى ضرورة تنمية هذه الإمكانات ، والعمل على تعليم التفكير الإبداعي ليكون أسلوباً لحياته في المستقبل ، كما يتضح أيضاً أن بدايات التفكير الإبداعي أو مقوماته لدى الطفل تتمثل في تلك الخصائص التي تميز طفل هذه المرحلة ، بالإضافة إلى أنه بمقدور طفل الروضة خلال ممارسته للألعاب والأنشطة المختلفة بالروضة إظهار خصائص أساسية ، وإذا ما تم توجيهها وتوظيفها بشكل واع استطعنا أن نعزز لدى الطفل التفكير الإبداعي لديه ، وهذا يتطلب من المعلمة أن تتعرف على طرق اكتشاف التفكير الإبداعي لدى الأطفال.
2- اكتشاف الإبداع لدى طفل الروضة :
كان اكتشاف إبداع الأفراد يتم بعد أن يظهر في صورة قطعة موسيقية ، لوحة فنية ، اختراع علمي ، ... الخ . وبعد أن أثبتت الدراسات العلمية في مجال الإبداع أن كل شخص يمتلك قدرة على الإبداع بدرجة ما ، كما أن البيئة تؤثر تأثيراً هاماً على نمو هذه القدرة وصقلها ، لذلك اهتم علماء التربية بالاكتشاف المبكر للإبداع ، واهتم علماء القياس بالبحث عن الوسائل أو المقاييس التي تساعد على قياسها .
وتستخدم عدة اختبارات في قياس التفكير الإبداعي في مختلف المراحل التعليمية . وأشهرها : مجموعة اختبارات "تورانس" و"جيلفورد" التي يمكن استخدامها في جميع المراحل العمرية ابتداء من الحضانة حتى مرحلة الدراسات العليا .
ويعتمد اختبار "تورانس" لقياس القدرات الإبداعية على تقديم مجموعة من المواقف الخاصة بالعمليات الإبداعية بشكلها الطبيعي المعتمد ، ويمثل كل اختبار فرعي عنصراً من العناصر ، أو بعضاً منها ، أو كلها مجتمعة ، ويتكون الاختبار من بطارية مكونة من اثني عشر اختباراً فرعياً مقسمة إلى ثلاثة مجموعات : مجموعة لغوية ، ومجموعة مصورة ، ومجموعة مسموعة . (رمضان القذافي ، 2000: 196)
بينما اشتملت اختبارات "جيلفورد" للتفكير الإبداعي على الأنشطة التالية : تحليل الجمل ، تحليل الفقرة ، تحليل الشكل ، اختبار مفهوم الشكل ، اختبار المستحيلات ، عناوين القصص ، اختبار المواقف العامة ، اختبار الطلاقة ، اختبار المرونة ، تداعيات الأرقام ، اختبار المتتابعات ، اختبار الدائرة أو المربع ، اختبار ترتيب المشكلات ، اختبار الاستعمالات المتضمنة ، اختبارات التداعيات ، اختبارات الاستخدامات غير العادية . (محمود منسي ، 1994: 76)
ويشير مجدي عبد الكريم (2000 "ب": 32-34) إلى أدوات مقياس Assessment Tools التي يمكن من خلالها التعرف على الإبداع ، من هذه الأدوات : الاختبارات المقننة ، الملاحظة ، التقدير الذاتي ، الحقائب ، الاستنتاج .
Ñ الاختبارات المقننة Standardized Tests : إن الاختبار المقنن هو ذلك الاختبار ذو القواعد الواضحة المحددة ، سواء في بنوده أو شروط تطبيقه . يعد الاختبار المقنن أفضل الاختبارات التي يطمئن الباحث أو المعلم إلى نتائجها ، لأن الاختبار المقنن يقصد به أن يعطي نتائج متماثلة حتى إذا طبق على أفراد مختلفين ، ولابد للاختبار المقنن أن يستند إلى معيار Norm ، ومن أمثلة هذا النوع من الاختبارات اختبار "استانفورد بنيه" للذكاء ، واختبار "ويكسلر" للذكاء أيضاً . (أحمد صالح ، وآخرون ، 2002 : 361) . وقد تعددت حديثاً الاختبارات المقننة في مجال الإبداع .
Ñ الملاحظة Observation : إن المقصود بالملاحظة كإحدى أدوات القياس هي مشاهدة ظاهرة ما دون تدخل الباحث في الشروط التي تحدث خلالها تلك الظاهرة ، أو في توجيه نوع السلوك المسبب لها ، أي أنها رصد واقعي للظاهرة . وهناك نمطان للملاحظة هما الملاحظة غير المقيدة (الحرة) Unrestricted Observation ، وفيها يقوم الباحث بملاحظة الأفراد موضوع الدراسة في بيئتهم الطبيعية فترة من الزمن قد تتعدى الشهور ، ويدون كل ما يلاحظه دون أن يتدخل في توجيه الأفراد ، ثم يقوم بعد ذلك بتحليل التفاصيل التي تجمعت لديه من مشاهداته . والملاحظة المقيدة Restricted Observation ، ويقصد بها هذا النوع من الملاحظة المنظمة التي يحدد الباحث أو المعلم محاورها سلفاً في صورة ما يسمى ببطاقة الملاحظة ، والتي يتوجب عليه أن يقوم بضبطها وعرضها على عدد من المحكمين في المجال حتى يتم إقرارها قبل استخدامها ، سواء قام باستخدامها الباحث نفسه ، أو غيره من الزملاء . (أحمد صالح ، وآخرون ، 2002 : 249-250) ، وعليه فإن ملاحظة المعلم لخصائص المبدعين وسماتهم تسمح له بتقييمهم .
Ñ التقدير الذاتي Self- Indentification : وهو الحكم الذي يصدره الفرد استناداً إلى تقديره الشخصي . (أحمد صالح وآخرون ، 2002 : 244) . فمن خلال الاستبيانات ، يمكن للطلاب أن يشيروا إلى إبداعاتهم التي يستخدمونها في الأوقات غير المدرسية ، مثل عضوية التمثيل ، فيمكنهم توضيح مشاركتهم في الأنشطة المختلفة .
Ñ الحقائب Protfolioes : وهي حقيبة ورقية تُجمع فيها أعمال الأطفال اليومية ، بغرض تقييم الأداء والتقدم المستمر ، كما ينعكس في التحصيل الكلي بواسطة الأشياء التي ينتقيها الطفل . هذا ومن المفيد لهذه الحقائب - على عكس الاختبارات المقننة - أنها تسمح بتقدير إبداع الأطفال . وحتى نساعد في تقويم الحقيبة المقننة ، يمكن للمدرسة أن تطور قائمة خاصة بالمعايير التي تؤخذ في الاعتبار . (مجدي عبد الكريم ، 200 "ب" : 34)
Ñ الاستنتاج Inferring : وهو مهارة تستهدف وصول المتعلم إلى نتائج معينة ، يعتمد عليها على أساس من الأدلة ، والحقائق ، والملاحظات . فالاستنتاج يتضمن تفسير ، وتوضيح لملاحظاتنا . وغالباً ما يكون ذلك اعتماداً على خبرات سابقة ؛ فالملاحظة خبرة نحصل عليها من الحواس ، ثم يأتي الاستنتاج لتفسير هذه الملاحظة . (هناء عبد العزيز ، 2002 :60 )
ويُستخدم الاستنتاج هنا للتعرف على الطلاب المبدعين من بين ذوي الخلفيات المتنوعة ، وهي تعتبر الخطوة الأولى نحو مساعدتهم على تحقيق كل إمكاناتهم .
وتشير معظم الدراسات السابقة إلى تأثير طريقة تطبيق اختبارات التفكير الإبداعي حيث أنها تحتاج إلى أسلوب وطريقة تختلف عن غيرها من الاختبارات النفسية ، فقد أظهرت نتائج دراسة محمد حمزة (1992) أن التعليمات المفتوحة والزمن المفتوح ربما يكونان من العوامل التي تساعد على الأداء الجيد في الاختبارات ذات النهاية المفتوحة مثل اختبارات التفكير الإبداعي ، كما أشار كل من دينتل Dentle وماكلر Mackler (1964) إلى أن الأطفال الذين أدوا اختبارات التفكير الإبداعي في ظروف غير مقيدة أو محددة كان أداؤهم أفضل بصورة ذات دلالة إحصائية من الأطفال الذين أدوا الاختبارات في ظروف مقيدة . (محمد حمزة ، 1992: 149-158)
وقد أسفرت نتائج الدراسات والبحوث أن القدرة على التفكير الإبداعي هي قدرة نوعية خاصة وليست قدرة عامة بدليل عدم وجود عامل يتضمن جميع القدرات الإبداعية اللفظية والشكلية معاً فقد توصلت دراسة حسن عيسى (1998) إلى أن القدرة على التفكير الإبداعي في الرياضيات مثلاً أو القدرة على التفكير الإبداعي في الأدب أو الفنون أو التدريس أو الموسيقى لا يمكن قياسها باختبار واحد . كما أكدت دراسة محمد عبد الرازق (1993) على ضرورة وجود محاولات لإعداد اختبارات التفكير الإبداعي تستمد بنودها ومثيراتها من ذات التخصص .
وفي هذا الإطار يؤكد فؤاد أبو حطب (1991: 1) على ضرورة أن تكون المثيرات أو المشكلة التي تطرح على التلميذ ليست بعيدة عن المجال الذي يدرسه سواء كان رياضياً أو دراسات اجتماعية . ولكن تختلف عن الذي يدرسه في الفصل الدراسي .
ويحدد محمد البغدادي (2001: 14-15) أربع مسلمات رئيسة لاكتشاف الإبداع لدى الأطفال ، وهي على النحو التالي :
ª جميع الأطفال مبدعون بطبيعتهم إلى حد ما .
ª بعض الأطفال أكثر إبداعاً من الآخرين .
ª بعض الأطفال أكثر إبداعاً في بعض الجوانب عن الأخرى .
ª يمكن أن يندثر الإبداع بواسطة المعلم الذي لا يدرك الأداء ، أو الذي لا يدرك تقدير الطفل أو غير القادر على إظهار إبداع الطفل .
ويضيف أنه يمكن الاعتماد على بعض الأساليب للتعرف على الإبداع لدى الطفل وهي على النحو التالي :
توفير فترات زمنية حرة مع توفير الأدوات والمواد في متناول الأطفال وخلال هذه الفترة يمكن ملاحظة أي من الأطفال يتعب أو يمل سريعاً أو ينتقل فجأة من شيء إلى آخر، ويمكن تحديد هؤلاء الذين يندمجون بعمق في التعامل مع الأدوات والمواد كما يمكن أيضاً ملاحظة أي من الأطفال يستخدم الأدوات والمواد بطريقة غير متوقعة .
طرح الأسئلة على الأطفال بالطرق التي تسمح للتعبير بحرية عن آرائهم وأفكارهم .
كما كشفت دراسة كوثر كوجك (2000) عن سمات وخصائص الطفل المبدع التى يمكن أن تعتبرمؤشراَ يساعد في التعرف عليهم واكتشافهم وهي على النحو التالي : يتميز الطفل المبدع بكثرة أسئلته وحب الاستطلاع في مجالات متعددة ، الطفل المبدع يستمتع بالعمل وينغمس فيه ، ولديه القدرة على التركيز والتذكر ، يتمتع بالحيوية والنشاط ، مع روح المرح والفكاهة ، وهو عادة واسع الخيال ، متجدد الأفكار ، كما يلاحظ على الطفل المبدع المرونة ، وعدم الجمود في الأفكار أو الآراء وقدرته على تبني آراء جديدة مغايرة ومختلفة كما يتمتع بقدرة على ملاحظة العلاقات بين الأشياء والأحداث ، ويستطيع الطفل المبدع إدراك التفاصيل المهمة مع المحافظة على الصورة الكلية للأشياء .
و يحدد عادل الأشول ( 1998: 12-15) بعض من المؤشرات التى يمكن من خلال ملاحظتها اكتشاف الطفل المبدع ، وهى على النحو التالى :
Å بعض المظاهر العامة في الإدراك والتفكير ، هل يستمع الطفل كثيراً إلى الموسيقى ؟ وهل يولع بمشاهدة الصور والمناظر المختلفة ؟ أو هل يهتم كثيراً بالأعداد والعلاقات بينهما والتعامل مع الأرقام ؟ . كما أن قوة إحدى الحواس (السمع ، اللمس ، ..) قد تقل أو تزيد في الحواس الأخرى . وعلى ذلك فقد يتميز الموسيقى بحدة السمع بينما يتميز الرسام بالحساسية للألوان فقط . كما يبدو أن التفكير اللفظي (كما يحدث في حل المشكلات) يعتبر قدرة خاصة ، فلدى كل طفل قدرات معينة متنوعة تساعده على التميز في مجالات الحياة .
Å توافر الاستثارة : فإن معظم الأطفال المبدعين متحمسون بدرجة غير عادية ، وهم غالباً يولون أهمية كبيرة لما يقومون به من أعمال ، ويركزون عليها بدرجة تفوق كثيراً غيرهم من الأطفال أو حتى الكبار . فإن تقدم الطفل في الأداء يحتاج بالضرورة إلى الدافعية والاستثارة .
Å غالباً ما يتميز الأطفال المبدعين بالقدرة على تنظيم الأفكار وإدراك العلاقات ، وكذلك إدراك المعنى الأساسي أو الشائع بين مجموعة من المواقف أو الخبرات وقد تبدو مختلفة ولا توجد بينها روابط واضحة . كما أنهم يتميزون بالتلقائية والثراء في محاولة تقديم الحلول أو التوصل إلى الأساليب اللازمة للتغلب على ما يواجههم من مشكلات .
إن إبداعية الطفل تتحدد في تلقائيته وقدرته على التعبير عن جوهره ، وفي مدى تنوع عناصر رسومه داخل فراغ الصفحة ، أو علاقة الألوان بعضها ببعض وإلى التنوع في كيفية صياغة أشكاله ، والقدرة على إبراز شخصيته . (عبلة عثمان ، 2000: 31)
وقد وجدت كل من "بيس هنسي" B. Hennessy؛ و"تريا أمبل" T. Ambile(1992) في دراستهما أن الاعتماد على الحكم الذاتي على رواية الأطفال للقصة التي يروونها عن مجموعة صور تعرض عليهم بدون مفردات هي طريقة مجدية للكشف عن الإبداع .
كما قدم "تورانس" Torrance عدداً من البنود التي يمكن من خلالها قياس القدرة على الطلاقة والأصالة والتخيل لدى الأطفال من سن (3-7) قياساً كمياً من أمثلة ذلك ما يلي : (عفاف عويس ، 1993 : 29)
ö إثارة الطفل حتى يظهر أكبر عدد من الطرق التي يمكن بها الوصول من مكان معين إلى آخر ، ويقيس هذا الجزء قدرة الطفل على إبداع عدد من أساليب السلوك الحركي .
ö إثارة الطفل لكي يلعب أدواراً خيالية كأن يمثل حيوان ما ، أو موضوع ما ، أو أن يقلد أدوار الكبار ، ويقيس هذا الجزء من الاختبار قدرة الطفل على التخيل وإتباع أدوار غير مطروقة .
ö إثارة الطفل لكي يظهر أكبر عدد ممكن من الطرق التي يمكن من خلالها وضع كوب مستعمل من الورق في سلة المهملات ويقيس هذا الجزء من الاختبار قدرة الطفل على استخدام طرق غير عادية في القيام بواجب بسيط .
ö إثارة خيال الطفل لكي يعبر ويتخيل العديد من الأشياء التي يمكن أن يتحول إليها كوب من الورق المستعمل على أساس الافتراض أنه ليس كوباً من الورق فما هي الأشكال التي يمكن أن يتخذها هذا الكوب ، ويقيس هذا الجزء قدرة الطفل على إبداع استخدام أشكال أصيلة لكوب الورق المستعمل .
لقد ركزت معظم معايير إبداع الأطفال على طلاقة الأفكار ، ومهام طلاقة الأفكار تتطلب إنتاج أكبر عدد من الاستجابات لمثير معين ، واستجابات الأطفال إما أن تكون شائعة أو غير مألوفة ، وفي الحالة الأخيرة تعد دليلاً على التفكير الإبداعي ، ولهذا عندما يطلب من طفل في سن الرابعة أن يذكر لنا كل الأشياء التي يستطيع أن يفكر فيها بشرط أن تكون حمراء اللون فإننا نجد أن الأطفال لا يذكرون فقط العربات ، والتفاح ، والجنود الصفيح ، ولكن أيضاً الجديري المائي ، والأيدي الباردة . (Moran, J., 1988: 2)
وقد كشفت دراسة مجدي عبد الكريم (2000، "أ" : 74-107)التي تناولت الطرق المستخدمة في الكشف عن الأطفال المبدعين أن أدق طريقة لتشخيص الأطفال في الأنشطة التي يؤدونها في مجالات متعددة والتي تكشف عن وجود إبداعية ظاهرة وواضحة وملموسة في فنون اللغة والفنون ، لأنه المحك الأصلي والحقيقي والفعلي للإبداعية ، كما أوضحت الدراسة أن أنجح العوامل الإبداعية في الكشف عن الأطفال المبدعين هو عامل الطلاقة ؛ حيث إن الطلاقة مبنية على فكرة أن الكم يولد الكيف .
وقد كان جهود الباحثين في مجال قياس الإبداع لدى الأطفال في مرحلة رياض الأطفال تعتمد على الأداء اللفظي فكانت ترصد عدد التداعيات التي يذكرها الطفل بالنسبة لكلمة معينة أو تلاحظ استجابته عند سؤاله عن معنى كلمة معينة مثل مطر ، أو عاصفة ، ... الخ ، أو تطلب منه تسمية الأشياء الموجودة حوله أو تلك التي يمكن أن يفكر فيها ، أو إيجاد التشابه بين شيئين مثل التشابه بين حبة البطاطس وحبة الجزر مثلاً . إلى جانب هذه الاختبارات اللفظية توجد بعض الاختبارات الشكلية فكانت ترسم للطفل بعض الخطوط ويطلب منه أن يتخيل ماذا يمكن أن تشبه هذه الخطوط . (عفاف عويس ، 1993: 25-26)
وفي هذا المعنى قدم "هوارد جاردنر" H. Gardner (1993 “C” : 86 : 102) طريقة جديدة لتقييم الأطفال بهدف تحديد القدرة الإبداعية لدى كل طفل ، والتعرف على المجال النوعي المميز له ، وكذلك نقاط الضعف . وقد تم بناء هذا المقياس على أساس مسلمة "أن كل طفل لديه القدرة على إظهار القوة في أكثر من مجال" ، وقد احتوى هذا المقياس على (
مجالات ، تتضمن (15) نشاط ، وهو على النحو التالي :
مجال الأعداد : يحتوي على نشاط "لعبة الديناصور" لقياس قدرة الطفل على استخدامه لمفهوم الأعداد .
مجال العلوم : يحتوي على نشاط "التركيب والتجميع" لقياس قدرة الطفل الميكانيكية ، القدرة على حل المشكلات ، ونشاط "لعبة صيد الكنز" لقياس قدرة الطفل على الاستنتاج ، وتنظيم المعلومات ، ونشاط "المياه" لقياس قدرة الطفل على توليد العديد من الافتراضات من خلال الملاحظة وإجراء التجارب البسيطة .
مجال الاكتشاف : تضمن أنشطة تثير ملاحظات الأطفال لإدراكهم وفهمهم للظواهر الطبيعية .
مجال الموسيقى : تضمن نشاط "الإنتاج الموسيقي" لقياس قدرة الطفل على الإيقاع الحركي الموسيقي ، الغناء ، ونشاط "الملاحظة الموسيقية" لقياس قدرة الطفل على تمييز أنواع الحركات تبعاً لطبيعة الموسيقى .
مجال اللغة : تضمن نشاط "لوحة القصص" لقياس المهارات اللغوية (مفردات اللغة – بناء الجملة – استخدام حروف الاتصال – المناقشة والحوار) . ونشاط "البيان" لقياس قدرة الطفل على وصف حدث مع النظر إلى المعايير التالية : القدرة على تقدير مضمون دقيق ، مستوى التفاصيل ، بناء الجملة ، ومفردات الكلمة) .
مجال الفنون البصرية : وتضمن نشاط "حقيبة الفنون" ، ويتم فحصها أو مراجعتها مرتين في العام ، وتقييم المعايير التي تتضمن استخدام الخطوط ، والأشغال ، والألوان ، المسافات ، التفاصيل ، التصوير ، التصميم .
مجال الحركات والاتجاهات : تضمن نشاط "الحركات الإبداعية" لقياس قدرات الطفل على حساسية الإيقاع ، التحكم في التعبير الحركي ، توليد الحركات الإبداعية ، والاستجابة للموسيقى .
المجال الاجتماعي : وتضمن نشاط "نموذج للفصل" لقياس قدرة الطفل على ملاحظة وتحليل الأحداث الاجتماعية والتجارب في الفصل ، نشاط "قائمة بيان تفاعل الأطفال" لقياس السلوكيات التي تجذب الأطفال أثناء التفاعل مع الأصدقاء ، نماذج مختلفة من السلوك الإنتاجي للأدوار الاجتماعية المختلفة .
يتضح مما سبق تفاوت وجهات النظر حول الطرق المستخدمة في اكتشاف و قياس الإبداع ، وأنه لا توجد طريقة واحدة بعينها يمكن الاعتماد عليها في الحكم على التفكير الإبداعي . وفي ضوء ذلك فقد رأت الباحثتين أهمية اكتشاف المعلمة المجال النوعي (المجال الذي قد يبدع الطفل فيه مثل المجال الفني ، القصصي ، الموسيقي ، ... ) للقدرات الإبداعية للطفل كبداية وخطوة أولى لتنمية الأبداع .
ثانياًَََ :أستراتيجيات تنمية الإبداع لدى طفل الروضة:
اتجه البحث الحالى إلى اعتبار أن اكتشاف وتنمية الإبداع لدى طفل الروضة وجهان مكملان لعملة واحدة ، وعلى هذا الأساس تم تقديم ثلاث استراتيجيات لاكتشاف وتنمية الإبداع لدى طفل الروضة من خلال المداخل الثلاثة التالية :
T مدخل الذكاءات المتعددة .
T مدخل القدرة الإبداعية .
T مدخل العصف الذهنى .
مدخل الذكاءات المتعددة :
ويقصد بها تنمية التفكير الإبداعى من خلال اكتشاف مجال ونوع الذكاء الذى يتميز به الطفل ، وتوظيف هذه المجال تطبيقيا بممارسة العديد من الأنشطة التى تساعد الطفل على تنمية إبداعه فى هذا المجال . وسوف يتطرق هذا البحث لبعض من تلك المجالات .
الذكاء الاجتماعى :
يعكس هذا النوع من الذكاء قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم.
ويتمثل في القدرة على فهم الآخرين ، والتكيف الاجتماعي ، والاستجابة على نحو ملائم على كل الأمزجة والدوافع والرغبات لدى الأفراد ، ويتضمن ذلك الحساسية لتعبيرات الوجه ، والصوت ، والإيماءات ، والقدرة على الرد والاستجابة لهذه التلميحات بفاعلية وبطريقة واقعية ، مثل إقناع الآخرين بإتباع سلوك معين ، ويعبر القادة في المجالات المختلفة عن هذا النوع من الذكاء ، ويعد هذا الذكاء هاماً فيما يتعلق بالتعاملات مع المجتمعات المختلفة . (تغريد عمران ، 2001 : 14)
ولقياس هذا الذكاء نلاحظ سلوك الطفل عند إصابة أحد زملائه بأذى ، أو شعور أحدهم بالإحباط ، وكيف يواسيه الطفل ويتعاطف معه . ويظهر هذا الذكاء في مجالات التجارة ، السياسة ، التدريس . (فاتن عبد اللطيف ، 1999 "أ" : 39-40)
كيفية اكتشاف على هذا النوع من الذكاء؟
يتميز من يتمتع بهذا الذكاء بالصفات التالية:
يستمتع بصحبة الناس أكثر من الانفراد .
يبدو قائدًا للمجموعة .
يعطي نصائح للأصدقاء الذين لديهم مشكلات .
يحب الانتماء للنوادي والتجمعات .
يستمتع بتعليم الآخرين بشكل كبير.
لديه صداقة حميمة مع اثنين أو أكثر.
يبدي تعاطفًا واهتمامًا بالآخرين.
الآخرون يبحثون عن تعاطفه أو اهتمامه وصحبته
يسعى الآخرون لمشورته وطلب نصحه.
يفضل الألعاب والأنشطة والرياضات الجماعية.
يسعى للتفكير في مشكلة ما بصحبة الآخرين أفضل مما يكون بمفرده.
يبدو جذابًا مشهورًا له شعبية.
يعبر عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
يحب المناقشات الجماعية والاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
يمكنه التعرف على مشاعر الآخرين، وتسميتها.
يمكنه الانتباه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
يحب الحصول على آراء الآخرين ويضعها في اعتباره.
لا يخشى مواجهة الآخرين.
يمكنه التفاوض.
يمكنه التأثير في الآخرين.
يمكنه عمل مناخ جيد أثناء وجوده.
خطوات لتنمية الذكاء الاجتماعىلدى الطفل :
ويمكن تقوية هذا النوع منالذكاء من خلال :
Å التفكير معًا (العصف الذهني الجماعي.(
Å الأنشطة الجماعية المختلفة.
Å منح الطفل دور القيادة بعض الوقت.
Å تعليمه وتدريبه على المهارات الاجتماعية المختلفة.
Å تعليمه مهارات التفاوض وفض النزاعات والتعامل مع الآخرين.
Å تعليمه التعاطف، والتعبير عن مشاعره وفهم مشاعر الآخرين.
Å تدريبه على القيادة والتخطيط وتحفيز الآخرين.
Å حث الطفل على القيام بأنشطة تطوعية جماعية.
Å تعليمه كيفية عقد صداقات والحفاظ عليها .
.
<P align=center>