دهشنا الفيلم البرازيلي "الأم الثانية" للمخرجة أنا ميلاريت بكثير من البساطة، والفيلم الذي يذكرنا بأحد أهم نتاجات السينما البرازيلية "المحطة المركزية" إخراج والتر ساليس. حيث الدراما الاجتماعية التي تجعلنا نقف عن قريب مع الظروف الموضوعية التي يعيشها الإنسان والمجتمع البرازيلي في ظل الظروف الاقتصادية والأزمات التي تحيط به.
الأم في الفيلم
وفي فيلم "الأم الثانية" نتابع حكاية فال ريجينا كاسي، التي تضطرها الظروف لأن تغادر مدينتها بيرنامبوكو في شمال البرازيل إلى ساو باولو من أجل البحث عن العمل تاركه طفلتها الوحيدة جيسيكا عن جدتها.
وقال تعمل خادمة عند إحدى الأسر الثرية وتقوم برعاية ابنهم فابيو. وبعد 13 عاما يتجدد تفكير فال بابنتها، حينما تتصل بها ابنتها جيسيكا لتخبرها بأنها في طريقها إلى ساو باولو من أجل إجراء اختبار دراسي.
من الفيلم
وتجد عندها فال نفسها في ورطة كبرى، فهي تقيم مع الأسرة التي تعمل لديهم خادمة ولا تمتلك السكن الخاص بها ولهذا تضطر إلى أن تدعو ابنتها للإقامة معها في المنزل، لكن الأمور لا تسير بتلك البساطة التي تتصورها فال، خصوصا حينما تعيش الفتاة جيسيكا بعفويتها.
وتبدأ هنا أوامر فال إلى ابنتها بعدم الجلوس على طاولة العائلة، والاكتفاء بالتحرك في الغرفة الخاصة بها فقط. وعدم تجاوز العلاقة الطبقية التي تربطها بهذه الأسرة الثرية، والتي يظل بعض أفرادها يتعامل مع القادمة الجديدة بمحبة وانفتاح بينما يتعامل البعض الآخر بفوقية وتحفظ.
نقد للمجتمع البرازيلي
وتبدأ أول المشاكل من قبل ابن الأسرة فابيو الذي ربيته فال ويعتبرها أمه، بالإضافة إلى أمه الحقيقية المشغولة بعض الشيء، وهنا تبدأ بعض المناوشات التي تتحول إلى مواقف طبقية في بعض الأحيان. وفي المقابل جيسيكا "كاميليا مارديلا" تتعامل مع الأمور بكثير من العفوية. وهذا ما جعل النجمة الشابة مارديلا تفوز بجائزة الجمهور في مهرجان برلين وأيضا مهرجان ساندانص.
ملصق الفيلم
تلك الحكاية البسيطة التي كتبتها وأخرجتها أنا ميلاريت جاءت لتكون ذريعة لتقديم إحداثيات الفوارق الطبقية والتفاوت الاجتماعي، الذي يصل في مرحلة ما، لأن يرفض حتى الأمومة الحقيقية.
ويمثل فيلم "الأم الثانية" سينما برازيلية تدهشنا، لأنها تقول الكثير بلا شعارات وبلا ضجيج. ونتوقع أن يثير هذا الفيلم الكثير من الاهتمام عند طرحه في الأسواق العالمية خلال الأيام القليلة المقبلة. وأنها سينما الإنسان بعيون برازيلية.
سينما برازيلية