الشارع العربي وتحولات اللغة

الشارع العربي وتحولات اللغة

حسين نشوان - اتصل بي د. ميشيل حمارنة منوهاً بمقالة كتبتها عن النواب والثقافة، وتوقف فيها عند كلمة «نُطْ عنها» وكان المقصود بذلك أن الفقرة قيد النقاش والتي تتصل بالثقافة ليست ذات بال بالنسبة لأحد النواب، وبالتالي فالمطلوب من المتحدث أن يقفز عنها، وقد سرني الاتصال، لسببين، أولاً: لأنه ومنذ زمن وقر في وجداني أن لا أحد يكترث، و«لا بواكي للثقافة»، وبالتالي فإن الكتابة في شأن الثقافة التي تعرب عن هوية الأمة، مجرد «نفخ في قربة مثقوبة»، والثاني أنه لفتني إلى التحولات التي يشهدها الشارع العربي، وتأثيره في اجتراح ونحت مصطلحات جديدة، تمثل شهادات على طبيعة التحولات، والوعي بها وتمثلاتها في العقل.
ومع أنني قمت بقراءة معرفية في مقالة نشرت في «الرأي الثقافي» حول سيرة المفردة وتحولات الوعي، إلا أن الموضوع يحتاج إلى بحث جدي من قبل المختصين في «اللسانيات» من خلال قراءة لغوية اجتماعية سياسية نفسية لتحولات النص التداولية بين السلطة والشعب، وهي قطعاً ليست تحولات في اللغة، بل تحولات في الوعي، كما أنها تمثل تحولات في الخطاب والوجدان الجمعي، وهي بمقدار ما تؤرخ لمرحلة، فإنها تجلو عن أخرى.
من بين هذه المفردات التي تسنى لي حصرها، وهي بالمناسبة تتصل باللغة التي وصفها الفارابي بأنها»مثوى الوجود»، فعل الأمر، أو الإخبار التي تداولها المحتجون في الساحات والميادين والشوارع في غير بلد عربي، ومنها: إرحل، كفى، سلمية .. سلمية، وهي مفردات تتحول فيها متجهات الرسائل من الأسفل إلى الأعلى، ومن المركز إلى محيط الدائرة، ، والشيء نفسه ينطبق على المعطوفات كأدوات (ربط/ وتفكيك) تتصل بالزمان وتستطيع تحويل وظيفة المناسبة (يوم الراحة/الجمعة) إلى برنامج عمل، جمعة الرحيل، جمعة الوحدة الوطنية،...»، الذي أدى إلى نوع من التأريخ الشفاهي الذي أطلق على المواجهة بين الشعب و«البلطجية» اسم : واقعة الجمل»، وهو وعي ديناميكي يشير إلى امتلاك القرار بانتقاله من الأقلية إلى الأغلبية، وأن الجموع تحولت إلى كيان قادر على المبادرة «الشعار»، والفعل»القرار» الذي تجلى في شعارات رفعها المتظاهرون في ميدان التحرير بمصر، وشوارع دمشق واليمن وقبلها في شارع بورقيبة بتونس، الشعب يريد إسقاط النظام».
هذه المفردات يقابلها أيضاً، كلمات تصدر عن وعي السلطة في فهمها للعلاقة مع «الشعب» بأنهم: جرذان، وجراثيم، وهي كائنات تنقل المرض والعدوى والطاعون، وتحتاج إلى التطهير أو الحرق، وهو الفعل المعكوس الذي قام به محمد بوعزيزي التونسي، عندما طهر جسده بالحرق لتفويت الفرصة على أدوات القهر باستباحة جسده بعد أن تعرض للصفع من شرطية، وهي تمثل رمزيات السلطة وقهرها.
في مقابل سطوة القهر يجترح الوجدان الشعبي نوعاً من المقاومة التي تعرب عنها النكتة والطرفة، وآخرها ما تم تداوله في العيد: (كل عام وعيدكم مبارك، بلا محمد حسني، وفرحكم زين بدون علي، وبيتكم معمر بلا قذافي، وعملكم صالح بدون علي عبدالله وانتم كالأسد من غير بشار).
اللغة كما يقول نيتشة تضج بـ «جيوش من الرمزيات»، واللسان في رأي العرب القدماء تشريع.

روميو

غروووب

حياتي

الشارع العربي وتحولات اللغة 368661_1308669767

» الرجل النائم في الشارع
» "السوبر" تثير جدلاً في الشارع الرياضي السعودي
» شبيه حسني مبارك يربك الشارع المصري
» أسبوع لندن: المشاهير يعرضون أزياء Burberry في الشارع!
» لمحة عن فن المقامة في الأدب العربي