* والدة الامام
احمد بن حنبل ٠
حفظتني أمي القرآن وأنا ابن عشر سنين وكانت توقظني قبل صلاة الفجر وتُحمي لي ماء الوضوء في ليالي بغداد الباردة، وتُلبسني ملابسي، ثم تتخمر وتتغطى بحجابها، وتذهب معي إلى المسجد؛ لبعد بيتنا عن المسجد ولظلمة الطريق".
هكذا يتحدث الإمام أحمد بن حنبل عن أمه التي غرست فيه غراس الإيمان منذ الصغر ليصبح فيما بعد إمامًا لأهل السنة والجماعة؛ وليجمع بين علوم الشريعة وعلى رأسها الفقه والحديث وبين الزهد والورع، وليثبت بالتجربة العملية أن الزهاد لا يرتقون مراتب الفضل إلا بعد أن يزينوا زهدهم بالعلم والفقه؛ حتى يعبدوا الله عز وجل على بصيرة، وبما شرع رسوله الكريم ولا يُحدثوا في الدين بدعًا.
وُلد أحمد بن حنبل يتيما حيث توفي أبوه وهو في بطن أمه، وعندما يتحدث عن أمه بهذه الطريقة فهو يقر بفضلها ويفتخر بأمه التي تولت تربيته وتنشئته حتى صنعت منه رجلاً عظيماً.
وعندما بلغ السبعين من العمر لم تنسه السنون بره بأمه وبأرحامها وأقاربها، بل لم يتوقف عن ثنائه عليها، ويحدث الناس عن أمه فيقول:
رحم الله أمي، كلما تهيأت لصلاة الفجر تذكرتها، فقد كانت تجهز لي ثيابي ووضوئي وتقف على الباب حتى ترى الخيالة (شرطة الأمن) فإذا رأت الخيالة اطمأنت وأطلقتني ودفعت إليّ فطوري، وأوصتني بالدرس بعد الصلاة.
الأم القدوة.
كانت صفية الشيبانية والدة الإمام صوامة قوامة، وقد اعتادت على إيقاظ ابنها لصلاة الليل قبل الفجر ليصليا سويا وردهما من الليل.
ولما بلغ الإمام عامه السادس عشر أوصته أمه بالسفر لطلب علم الحديث باعتباره هجرة في سبيل الله
؛ لم تتمسك الأم بابنها الوحيد ولم تثبط عزيمته بل سلمت الأمرلله وأخذت توصيه بالإخلاص في الطلب وبتقوى الله عز وجل.