#همسة_تربية
في الحب
*“ الطفل المحبوب ”*
إن الطفولة المستقرة المليئة بحب و اهتمام الوالدين ، قد لا تحمي عند الكبر من مصاعب الحياة ، و لا تحمي من الألم و الخيبة ، لكنها تُسهل عبور الدرب ، و تجعل من القيام من جديد أمراً أكثر يسراً و سهولة .
عندما يكبر الطفل و هو يعرف يقيناً أنه شخص محبوب من عائلته ، لن يعتمد كثيراً على حبٍ و اهتمام قادم من الآخرين ، و لن تنته حياته بفقدانِ حبٍ أو حبيب . سيعود بسرعة إلى مخزونه القديم من الحب ليقوم ثانية و يتابع حياته .
الشخص المحبوب طفلاً ، يشعر أن الحب أمر طبيعي و فطري ، و لا يثير الاستغرابَ لا أخذاً ولا عطاءً ، حتى أنه لا يشعر به كشعور منفرد أو خاص ، فيختلط بشكل غامض مع كل شيء يفعله أو يقوله .
تختلط مادة الحب مع كل شيء ، مع كل الأعمدة الاساسية في بناء حياته ، فيبدو متجانساً متوازناً ، شفافاً واضحاً أمام نفسه ، لا يبحث عن القوة بقدر بحثه عن معرفةٍ أكثر تسامحاً مع ذاته .
الشخص المحبوب في طفولته ، هو شخص ذو جذور ، جذور قاسية صلبة تثبته في مكانه ، و أخرى طرية ناعمة تتحول إلى أجنحة ليطير و يحلم ، و هذا التوازن بين جذور تُثبِّت و أخرى تُطَيّر هو الوعي العميق ، الابن الشرعي للحب العظيم .
أما محبة الأطفال فليست علماً و لا ثقافة و لا طرقاً و لا تقاليد ، لأنها شراكة منذ البداية بين كائنين مختلفين بطاقات مختلفة و حاجات مختلفة ، فيصير الحب ممكناً كلما اعترفنا أننا مختلفون و محدودون و حقيقيون .
كلما أحببتَ نفسك و رحمتها و قبلتَ بحدودها و امكانياتها ، كلما أحببتَ ابنك و رحمته و قبلته .
و كلما قدَّمت نفسك لابنك كما أنت ، كلما أحببته أكثر و أحبّك أكثر .
أما هؤلاء الذين يعتقدون أن شمس الحب لم تزورهم أطفالاً فهم مدعوون يومياً لحب آخر يبدو أكثر اجهاداً و ارهاقاً هو حب الذات و صداقتها و صدقها .
حب الذات و مساواتها مع الآخرين مهما كانوا قد يعوِّض تدريجياً عن حب الطفولة الناعم بحبٍ آخر من شكل آخر و أنوار أخرى .
الحب رحيم دائماً ، لا يظلم أحداً ، و لا يحرم أحداً من ثماره ، فقط يلزم أن نفتح العيون و نرى