عندما خلق الله - تعالى - الإنسان جعل فيه ميلا إلى حب المال وتملكه والاستكثار منه، فقال عنه: (وإنه لحب الخير لشديد)، وقال - تعالى -: (وتحبون المال حباً جماً) الفجر..
وقد جعل الله - تعالى - المال والبنين زينة الحياة الدنيا، فقال: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) [الكهف: 46]
فالإسلام له منهج متكامل في المال وله قواعد وضوابط يجب أن نتدبرها بأناة ونعمل على تطبيقها
ويمكن أن نذكر هذا المنهج وتلك الضوابط في النقاط التالية:
أولاً: أن تعتقد أنه مال الله:
ألا تظن نفسك المالك الأصيل لهذا المال، بل تشعر أن المالك الأصيل له هو ربك الذي خوّلك وملكك ومنحك وأعطاك! وأنت لست إلا صاحب يد عارضة عليه، ومن فضل الله عليك أن جعل يدك في هذا المال تعطي نفسك، وتعطي غيرك، والمالك الأول هو رب العالمين، وهذا المعنى هو الذي أكده القرآن في قوله جل شأنه: (وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) الحديد: 7.
سئل أعرابي كان في قطيع غنم يملكها... سئل: لمن هذا القطيع؟ كان جواب الرجل: هو لله عندي!! وهذا جواب سديد، فلا تظن نفسك بالتملك قد أصبحت مالك الملك: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاواتِ وَالأَرْضِ) الشورى: 49.
ثانيا: أن الله - تعالى - أعطاك المال ليختبرك:
أو يمتحنك وينظر ماذا أنت فاعل فيه، هل تؤدي حق الله في المال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) البقرة: 254 وتتبع المنهج الإسلامي في تصرفاتك المالية أم لا؟.
ثالثا: الغنى غنى النفس:
فمهما ملك الإنسان من مال فهو فقير إلى الله - تعالى - وقد يذهب ماله في لحظة ويتحول من غني إلى فقير، فالسعادة ليست في امتلاك المال وحده بل في الإيمان والطاعة التي يجد لذتها وحلاوتها المؤمن المجاهد لنفسه ولشيطانه فيلزمها تقوى الله ويأخذ من سير المتكبرين عبرة، وفي قصة قارون عبرة لأولى الأبصار
رابعا: أن الله - تعالى - أنزل الأرزاق وقسمها بحكمة:
قد لا تظهر لك إلا بعد مدة طويلة فتحمد الله على ذلك لأنه لو أغناك وأنت مسرف أو مستهتر فقد تضيع مالك ودينك، لكنه أغناك بعد ما اتبعت منهجه وتوسطت في الإنفاق بين التبذير والتقتير، ثم إن الله - تعالى -من حكمته أن خلق الأغنياء والفقراء وخلق الاختلاف في الأجواء وغيرها لنعرف نعمة الله علينا من رؤية هذا الاختلاف قال - تعالى -: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)الشورى 27
(وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) الزخرف: 32.
خامساً: دعا الإسلام أتباعه للعمل ونهاهم عن المسألة:
فالإسلام يطلب من أبنائه أن يكونوا أصحاب همم، فكسب المال عندهم يخضع لتصرف الهمة الكبيرة، قد يكون المال قريباً منك، ولكن لا ينبغي أن تأخذه من أيسر سبيل وتقعد.
ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ " رواه البخاري.
سادساً: احترم الإسلام حق التملك: أو الملكية الخاصة:
فالإسلام يضمن أو يبيح ويقر حرية التملك، ويعتبر حق التملك حقاً له قداسته ومكانته، ويعتبر أن الجور على هذا الحق أو توهينه في المجتمع ليس من شأن المسلمين، ولا هو من مسالك الأتقياء
يسر الإسلام للناس أسباب التملك، ودعا الناس لتنمية أموالهم ولكن وضع لهم ضوابط عديدة منها تنمية المال بطرق الكسب الحلال، ثم أداء حق الله في المال، والبعد عن السرقة والغش والاحتكار والخيانة..