أراه بقلبي
تقول مديرة في مذكراتها
إستوقفتني معلمة الصف الأول وأنا أتجول في أحد الأقسام
وقد بدأ على ملامحها الضيق والغضب والحيرة
المديرة صباح الخير
المعلمة بحدة تحاول اخفاءها
مس نادية عندي تلميذ تصرفاته ليست طبيعية وبدأت تستفزني وأنا تعبت معه
المديرة
في الصف الأول الإبتدائي
ماهي مشكلته
المعلمة
يمسك بوجوه الطلاب كل ما يحكي معهم
وحين يحكي معي يقترب من وجهي كتير
دائما أحكي معه أن يترك مسافة بينه وبين أي واحد يتعامل معه
ولكن من دون فائدة
وبعد نقاش طويل وتفاصيل كثيرة
إستطاعت المعلمة أن تدخلني إلى دائرة إستفزازها
فاستدعيت الطالب
وتحدثت معه لأكثر من عشر دقائق
لم يعرني إهتمامه في البداية
ولكن بعد أن عرضت عليه الحلوى
إقترب على إستحياء
ووضع يده على وجهي وإبتسم
ثم غادر
شعرت أن لا بد من إستدعاء والديه
فطريقته في التواصل مع من هم في عمره
وحتى مع معلمته
كانت مزعجة وغير إعتيادية
في اليوم التالي
كنت متأهبة لاستقبال والديه
لا بد أن الطفل يتعرض للعنف أو ما شابه حتى لو أنكروا لن أصدقهم بسهولة
إلخ من هذه الأفكار والإستنتاجات المسبقة
وصل والد الطفل
الذي بدا عليه القلق من إستدعائه
ووالدته وهي تمسك بيد زوجها بهدوء وثبات
الى غرفة الإستقبال
وفي نفس اللحظة دخل الطفل مسرعا
إلى حضن أبيه
الذي أخذ يتحسس وجهه وشعره بنفس طريقة الطفل مع زملائه ومعلمته
ويقول له والده
بابا لماذا إدارة المدرسة طلبوني
إنت عملت شنو
رد عليه ببراءة مابعرف والله إني شاطر!
وخبّأ وجهه بين يدي والده لعله يشعر بالأمان
هنا فقط إكتملت لدي الصورة
وأدركت كم من الحقائق المهمة لا نراها
دخل الوالدان وأنا أحاول أن ألملم أفكاري المشتتة
وأستجمع ما تبقى من قواي
فبادرني بالتحية والسؤال
مس شو ما له (نور) إن شاء لله مش مغلبكم
أنا صح ضرير لكن بشوفه بقلبي وعقلي كل دقيقة وبتابعه بكل حركاته
أدركت حينها أن الطفل يتعلم التواصل مع من حوله من والده
وأدركت أنه قد تعلم الحب العميق
من يدي والده ومن ملمس وجهه
بقلب أثقله الدمع
ولسان تلعثم قبل أن ينطق
أجبته
(نور) شاطر ومميز وحبينا نكافئه أمامكم
لإنكم جزء من تميزه
الله يجعله نور للبصر والبصيرة
وأخذت أردد في نفسي
كم نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه
ثم تنكشف الحقيقة
فنُصدَم من جهلنا وتسرُّعَنا في الحكم
هذه الحياة لم تأتِ على مزاج أحد
سنعيشها بحلوها ومرها
فلا تؤلموا أحداً
فكل القلوب مليئه بما يكفيها
وإياكم وكسر الخواطر
فإنها ليست عظاماً تُجبَر بل أرواح تُقهر
إلهي؛ لا تنزع منا الرحمة
ولا تتركنا نحيا دون الإحساس بها
ولا تجعلنا نتصرف بما يخالف